لينين مازال مستلقياً في الساحة الحمراء

كارينا يونس – موسكو 

يستلقي جثمان الزعيم السوفياتي الأول فلاديمير لينين، داخل تابوت زجاجي بشاربه الأحمر المتأنق ويديه اللتين تستندان إلى فخذيه مرتدياً حلةً سوداء؛ ويبدو للوهلة الأولى كما لو كان تمثالاً شمعياً.

والحقيقة أنه جثمان لرجل مات منذ أكثر من 90 عاماً وتم حفظه. ويعتقد العلماء أنه في حالة متابعته بعناية وإعادة تحنيطه بانتظام، يمكن أن يظل في نفس هذه الحالة على مدار قرون من الزمن.

وعندما توفي لينين في يناير/كانون الثاني عام 1924 لم يكن أحد ينوي الحفاظ على جسده لفترة طويلة كهذه، ففي الواقع قام الطبيب الشرعي أليكسي أبريكوسوف الذي أجرى عملية تشريح الجثة بقطع الشرايين الرئيسية للينين.

وإثر تشريح جثمان الزعيم السوفياتي، تم تحنيطه بصفة مؤقتة لتجنب تحلله الفوري خلال الأيام الأربعة التي ظل بها داخل تابوت مفتوح في دار الاتحاد بوسط العاصمة موسكو. واحتشد أكثر من 50 ألف شخص في القاعة التي كان يرقد فيها لينين لإلقاء النظرة الأخيرة عليه رغم تدني الحرارة هناك إلى 7 درجات مئوية.

صورة من داخل ضريح لينين بعد تحنيطه

وبينما كانت تستمر الحشود في التوجه من مختلف أنحاء البلاد لرؤية الجثمان، قامت الحكومة بنقل التابوت إلى ضريح خشبي مؤقت في الساحة الحمراء. ونظرا لشدة البرد، ظل الجثمان سليما على مدى 56 يوما، ومع بدء الطقس بالدفء تدريجيا قرر المسؤولون الروس الاحتفاظ بالجثمان بصفة دائمة.

فعمل فريق العلماء لعدة شهور على  تبييض البشرة واحتساب مكونات الخليط الكيميائي احتسابا صحيحا. وكانوا يعملون ليل نهار ومع إعادة فتح الضريح في الساحة الحمراء أمام الزوار بتاريخ 1 أغسطس/آب عام 1924، كانت النتيجة إيجابية للغاية بل مدهشة! وكلفت مجموعة من العلماء عام 1924 بالحفاظ على سلامة الجثمان. وكانت تضم نحو 200 أخصائي يعملون في المشروع.

زوار يقفون في طابور لزيارة ضريح لينين في موسكو

ومع انهيار الاتحاد السوفييتي تعالت أصوات الحكام الديمقراطيين الجدد لروسيا إلى هدم الضريح ودفن لينين في مكان آخر، الأمر الذي أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة الداعية للاحتفاظ بالضريح والجثمان. وبالرغم من الاحتجاجات الكبرى إلا أن الحكومة آن ذاك توقفت عن تمويل المشروع عام 1991 ما أدى إلى التشكك في مستقبل الضريح. ورداً على ذلك، قام الحزب الشيوعي بجمع التبرعات للحفاظ على المشروع الذي عادت الحكومة لتموله من جديد في وقت لاحق.

واليوم يمكن لسكان وزوار العاصمة الروسية موسكو زيارة الضريح لمشاهدة الزعيم السوفييتي الراحل كما لو أنه مازال حيا.

إذ يفتتح الضريح أبوابه أمام الزوار يومياً عدا الإثنين والجمعة من الساعة 10.00 صباحا وحتى 01.00 ظهرا.

تعليقات

أضف تعليق

شاهد أيضاً

يفباتوريا ” القدس الصغيرة” فى جزيرة القرم الروسية

أحمد فايز المرشد السياحى العربى فى روسيا يفباتوريا أحد أشهر وأجمل المدن السياحية على ساحل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: المحتوى محمي
%d مدونون معجبون بهذه: