لوحة عن رحلة بن فضلان

أحمد بن فضلان أول سفير عربي في بلاد الروس

رامي السمري – القاهرة

الرحالة العربي البارز أحمد بن فضلان بن العباس بن الرشيد بن حماد من أشهر الرحالة الذين كان لهم السبق في الكتابة عن “الروس” وفي التعريف بهم لدى العرب، وقد أرسله الخليفة العباسي المقتدر بالله ضمن بعثة رسمية إلى ملك صقالبة حوض الفولغا “ألمش بن يلطوار” بطلب من هذا الأخير ليفقهه في الدين ويعرفه شرائع الإسلام، ويبني له مسجدا وينصب له منبرا ليقيم عليه الدعوة له في بلده وجميع مملكته، ويسأله بناء حصن يتحصن فيه من الملوك المخالفين له ولحماية البلغار من تهديدات الخزر الذين كانوا على دين موسى.

قُدر لابن فضلان أن يكون صاحب أقدم وصف أجنبي لبلاد الروس ولقسم من شرق أوروبا في القرن العاشر الميلادي برسالة فريدة حملت وصفا لمغامرة انطلقت من بغداد ووصلت إلى ضفاف نهر الفولغا.

و كانت اصل قصة الرحلة حينما وصلت رسالة قيصر البلغار الصقالبة ” ألموش بن يلطوار” الي الخليفة العباسي ” أبو الفضل جعفر المقتدر بالله ” طلبا لإرسال سفارة إلى ” قيصرية صقالبة البلغار ” لشرح مبادئ الإسلام ، و على أن يرسل الخليفة من يبني للقيصر مسجدا يطل من محرابه على شعبه، وقلعة حصينة لمجابهة الأعداء، فاختاره الخليفة على رأس وفد الرحلة تقديرا لمكانته وقدرته على الحوار و معه رسالة من الخليفة العباسي “المقتدر بالله” إلى قيصر البلغار “ألموش بن يلطوار” قيصر ” بلغار الفلوجا ” دولة  تتارسان حالياً او كما كانت كنيتهم  الصقالبة .

و عندما وصل احتفي قيصر الصقالبة بالبعثة العباسية في فنون مختلفة و من الطعام و مراسم الاحتفال بالوفد المهيب. وسمّى قيصر الصقالبة نفسه باسم “جعفر” تيمنًا باسم أمير المؤمنين الخليفة العباسي وغيّر اسم أبيه إلى “عبد الله” فصار يُنادى على المنبر “جعفر بن عبد الله ” ، أمير ” البلغار” ، بدلاً من “ألموش بن يلطوار”

وصل بن فضلان إلى فولجا بلغاريا يوم 12 مايو 922 م وقد اتخذت ” جمهورية تتارستان ” المعاصرة من تلك المناسبة يوم عطلة دينية الي يومنا هذا احتفالا بهذه المناسبة !!

محطات الرحلة ” كما توضح الخرائط

خط سير رحلة بن فضلان 1
خط سير رحلة بن فضلان 2

انتقلت رحلة ” أحمد بن فضلان ” إلي روسيا عبر فضاءات جغرافية متباينة من العراق إلى إيران، فأواسط آسيا و بلاد الترك ، فبلاد بلغار الفولجا أو أرض الصقالبة، إلى الأراضي الروسية ثم من الأراضي الروسية حتي وصل منها ابن فضلان إلى شبه جزيرة أسكندنافيا على مشارف القطب الشمالي و الرجوع إلي أراضي مملكة الخزر الي بغداد و كانت منها كتاباته و وصف رحلاته.

ابن فضلان وصف بشكل خاص شدة البرد في مناطق جورجيا الحالية قائلا “باب من الزمهرير قد فتح علينا، ولا يسقط الثلج إلا ومعه ريح عاصف شديدة”، مشيرا إلى أن شتاء خوارزم صيف مقارنة بها.

ورصد الرحالة العربي في هذه المغامرة بلاد الترك والقسم الغربي من كازاخستان والصقالبة والخزر والروس الذين قال في وصفهم: “ورأيت الروسية وقد وافوا بتجاراتهم، فنزلوا على نهر إتل، فلم أر أتم أبدانا منهم، كأنهم النخل شقر حمر، ومع كل رجل منهم فأس وسكين وسيف لا يفارقوه أبدا”.

صفحة من مخطوطة ابن فضلان

يحاول بعض الباحثين التأكيد على أن رحلة ابن فضلان وبعثته لم تكتف بالوصول إلى نهر الفولغا، بل ذهبت أبعد من ذلك ووصلت إلى مشارف القطب الشمالي في المنطقة الاسكندنافية. ويبدو أن ذلك جاء بتأثير القصص الخيالية التي أضافها البعض إلى هذه الرحلة الفريدة. ويعد الروائي والسينمائي الأمريكي ميخائيل كريكتون من أهم من أضاف على مخطوطة ابن فضلان مدعيا الاعتماد على مصادر خاصة غامضة. كريكتون كتب رواية خيالية عام 1976 بعنوان “أكلة الأموات” زاعما أنها تحوي النص الكامل لرسالة ابن فضلان. الرواية الأمريكية نقلت أحداث رحلة ابن فضلان من ضفاف نهر الفولغا وجعلت من منطقة الدول الاسكندنافية وتحديدا السويد مسرحا لها. وفي عام 1999 أُنتج شريط سينمائي حمل اسم “المحارب الثالث عشر”من وحي رواية “أكلة الأموات” لقي شهرة واسعة وإقبالا كبيرا.

وهذه لوحة الفنان الرسام البولندي ” هنري سميراديسكي ” مستلهماً موضوعها من وصف مخطوطة ابن فضلان عادات الدفن الروسية القديمة كما شاهدها ابن فضلان ومسجلٌ أسفلها اسم الرحالة الكبير .

وبعض مراجع و ابحاث و مخطوطات و مترجمات الكتب عن رحلته.

تعليقات

أضف تعليق

شاهد أيضاً

ما هي قصة الروبل الروسي التاريخية؟

أحمد فايز – المرشد السياحي العربي في موسكو عاش الروبل الروسي و عاصر أباطرة ورؤساء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: المحتوى محمي
%d مدونون معجبون بهذه: