لماذا “عيد النصر” يعتبر الأهم في روسيا؟

ماريا ديبان – دمشق

تحيي روسيا في التاسع من أيار كل عام عيدها الوطني الأهم المسمى بـ “عيد النصر” على النازية في ” الحرب الوطنية العظمى” التي تمثل الجزء الأكبر من الحرب العالمية الثانية التي دارت رحاها من عام 1939 حتى عام 1945.

حيث بدأت الحرب الوطنية العظمى عام 1941 ، غزت القوات النازية أراضي الاتحاد السوفييتي التي كانت في عهد جوزيف ستالين، في يوم 22 حزيران وبشكل مباغت ودون اعلان حرب رسمي بعملية سميت “بارباروسا” نسبة إلى الإمبراطور الألماني فريدريك الأول بارباروسا، بعد أن تم توقيع معاهدة عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفييتي، لم تستطع هذه المعاهدة أن تنهي التناقض بين النازية والشيوعية، واسباب أخرى كاتهام هتلر لستالين بالدعاية ضد النازية داخل أراضي ألمانيا، وتخوّف ألمانيا من امتداد السيطرة الشيوعية إلى دول البلقان والأراضي الشرقية حيث النفوذ الألماني، وعدم قبول هتلر بأي قوة تنافسه وتهدد وجوده في أوروبا، ورغبة هتلر في السيطرة على حقول القمح في أوكرانيا وعلى النفط في شبه جزيرة القرم، ولجعل بريطانيا تستسلم بعد انهيار روسيا لأن بريطانيا أعلنت تأييدها للاتحاد السوفييتي وكما أعلنت أمريكا أيضاً  تأييدها للشعب السوفييتي ضد الغزو الألماني، فقرر هتلر الهجوم على الاتحاد السوفييتي حيث بدأ الهجوم بثلاثة مليون جندي و 600 ألف قطعة حربية، وكانت القوات الألمانية متقدمة نحو الجبهة الشرقية للاتحاد السوفييتي 30 كم من أراضي موسكو، بحكم أن موسكو أكبر مدينة سوفييتية وتعد مركز الصناعة والاقتصاد السوفييتي، وواحدة من أهم المعارك التي حصلت على الجبهة الشرقية “معركة موسكو”

مشهد من فيلم 8 مقاتلا من فرقة بانفيلوف الذي يجسد مرحلة من مراحل الحرب على أبواب موسكو

بدأت المعركة في تشرين الأول من عام 1941 حتى نيسان عام 1942، حيث سار العمل في القوات السوفييتية ليلاً ونهاراً وقام الجنود السوفييتيون بإقامة دفاع متين لقوات الجبهة شعوراً منهم بالمسؤولية الشخصية عن مصير موسكو ومصير الوطن، وبعد اشتباكات حادة من كلا الطرفين ومع زيادة سوء الأحوال الجوية حيث وصلت درجة الحرارة (-50 تحت الصفر) وهطلت الأمطار بشدة وتحولت أرض المعركة إلى مستنقعات تعيق الحركة لم يتراخى أحد الطرفين وبعد نهاية هذه الصراعات العنيفة اعترف النازيون بأنهم فقدوا في هذه المعركة 740 ألف جندي بين قتيل وجريح، بينما اعترف الاتحاد السوفييتي بثلاثة أضعاف هذا العدد تقريباً أي حوالي المليونين.

صورة حقيقية من الحرب العالمية الثانية وعملية بارباروسا

وبعد سلسلة من الحملات العسكرية لم يستسلم هتلر واعتبر أن خسارته في معركة موسكو بسبب الأحوال المناخية السيئة جداً، وبدأت قواته في التحرك من جديد نحو الشرق وكان الهدف الجديد لها هو حقول البترول في القوقاز ومدينة ستالينغراد على نهر فولجا، ورغم شدة محاربة القوات السوفييتية للقوات الألمانية، فقد تمكنت القوات الألمانية من محاصرة مدينة ستالينغراد واحتلال اجزاء منها، حيث تم محاصرة ستالينغراد (المعروفة اليوم فولغوغراد) في 30 آب عام 1942، واستمر الحصار عدة أشهر وقُتِل حوالي 900 ألف شخص من أصل 3 مليون بسبب الدفاع والمجاعة التي انتشرت أثناء الحصار في معركة موسكو، ورغم ذلك لم تتراجع القوات السوفييتية وقامت بمعارك ضاربة جداً ووجهت هجوماً مضاداً على القوات الألمانية وبعد القتال الشرس الذي استمر شهور عدة حتى تاريخ 2 شباط من عام 1943 تم القضاء على معظم الجيش الألماني ووقع في الأسر أكثر من 100 ألف جندي وهذا أدى إلى تراجع الألمان، ولكن بالرغم من الاشتباكات العنيفة لم تتراجع القوات الألمانية نهائياً، في 5 حزيران من عام 1943 توجهت القوات الألمانية إلى جنوب غرب موسكو، حيث مدينة كورسك واعتبرت معركة “كورسك” آخر محاولات الهجوم الألماني المعاكس وأكبر معركة دبابات في العالم وكانت النقطة الحاسمة لنهاية الحرب العالمية الثانية، كبّدت القوات السوفييتية خسائر فادحة في صفوف الجيش الألماني مما أدت إلى تراجعه في 23 آب من نفس العام، وبعد هذه الهزيمة بدأت القوات الألمانية بالتراجع وبانسحاب واسع النطاق فيما بدأت جيوش الاتحاد السوفييتي بالتقدم و بدفع الألمان في جميع انحاء أوروبا الشرقية حتى أدخلوهم إلى داخل ألمانيا نفسها في عام 1945، وفي 2 أيار نهاية 1945  تم رفع العلم السوفييتي  فوق مبنى الرايخستاغ الألماني في برلين.

العلم السوفييتي يرفرف فوق مبنى الرايخساغ بعد تحقيق النصر على النازية

وعندها أعلنت الحكومة السوفييتية عن استسلام القوات النازية، وكانت هزيمة كبيرة للقوات الفاشية.، واعتبرت هذا الحرب رمزاً للإرادة الصلبة للاتحاد السوفييتي للدفاع عن أراضيه، وحطمت حلم الألمان بالاستيلاء على الأراضي السوفييتية وكما كسرت نظرية الجيش الألماني بأنه قوة لا تقهر.

في هذا العام ستحتفل روسيا بمرور الذكرى 72 على عيد النصر، ويعتبر يوماً مهماً لكل عائلة روسية لأنه من الصعب العثور على مواطن روسي لم تلمسه هذه الحرب الرهيبة  التي راح ضحيتها حوالي 28 مليون من الجنود والمدنيين السوفيتيين.

يعتبر “عيد النصر” ملحمة جسدت تجسيداً حيّاً على أرض الواقع عظمة الصمود والتضحيات المقدسة التي قدمها الشعب الروسي بجميع أطيافه من أجل السلام والحرية، ورمزاً للكفاح والمقاومة عبر التاريخ.

تعليقات

أضف تعليق

شاهد أيضاً

البوابة المصرية على الأراضي الروسية

أحمد فايز المرشد السياحى العربى فى روسيا كانت الحضارة المصرية القديمة دوما ملهمة لشعوب العالم، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: المحتوى محمي
%d مدونون معجبون بهذه: